web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 5 ذو الحجة 1444هـ ، الموافق 23 يونيو 2023م
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 5 ذو الحجة 1444هـ ، الموافق 23 يونيو 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 يوينو 2023م بصيغة word بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 يونيو 2023م بصيغة pdf بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية ، للدكتور محمد حرز.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 23 يونيو 2023م بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية .

 

أولًا:  يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ ؟

ثانيــــًا: الأضحيةُ سنةٌ مؤكدةٌ عن النبيِّ المختارِ ﷺ.

ثالثــــًا: آدابُ الأضحيةِ.

رابعًا وأخيرًا: البدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوانِ !!!

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 23 يونيو 2023م بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية : كما يلي:

 

خطبة الجمعة القادمة : فضلُ يومِ عرفةَ وسنةُ الأضحيةِ

 للدكتور محمد حرز ، 5 ذو الحجة بتاريخ  1444هـ، الموافق، 23 يونيو 2023م

الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾المائدة:3، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه أولٌ بلا ابتداء، وآخرٌ بلا انتهاء، الوترُ الصَّمَدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كما في حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  عَنْ النَّبِيِّ ﷺ:  أَنَّهُ قَالَ : ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ؟ فقال رسولُ اللهِ ﷺ : ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ)) رواه البخاري ، فاللهم صلّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أمّا بعدُ ….. فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}الحشر: 18

عبادَ الله: ((فضلُ يومِ عرفةَ وسنةُ الأضحيةِ  )) عنوانُ وزارتنِا وعنوانُ خطبتِنا

عناصر اللقاء:

أولًا:  يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ ؟

ثانيــــًا: الأضحيةُ سنةٌ مؤكدةٌ عن النبيِّ المختارِ ﷺ.

ثالثــــًا: آدابُ الأضحيةِ.

رابعًا وأخيرًا: البدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوانِ !!!

أيُّها السادة: ما أحوجنَا إلى أنْ يكونَ حديثُنا في هذه الدقائقِ المعدودة ِعن فضلِ يومِ عرفةَ وسنةِ الأضحيةِ، وخاصةً ونحن في أعظمِ أيامِ الدنيا على الإطلاقِ كما قال النبيُّ المختارُ ﷺ: (أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا الْعَشْرُ– يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ- قِيلَ: وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ عَفَّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ))رواه البزار وابن حبان ، وخاصةً ونحن على أعتابِ يومِ عرفةَ خيرِ الأيامِ وأعظمِهَا وأشرفِهَا عندَ اللهِ جلّ وعلا، وخاصةً وأنّ يومَ عرفةَ هو يومُ التمامِ والكمالِ والنعمةِ والعطاءِ لأمةِ الإسلامِ، قالَ تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾المائدة: 3. اللهُ أكبرُ !! وهل شممتَ عبيرًا أزكَى مِن غبارِ المحرمين؟ هل رأيتَ لباسًا قط أجْملَ وأجَلَّ مِن لباسِ الحُجَاجِ والمعتمرين؟ هل رأيتَ رؤوسًا أعزَّ وأكرمَ مِن رؤوسِ المحلقين والمقصرين؟ هل مرّ بك رَكْبٌ أشرفَ مِن رَكْبِ الطائفين؟ هل هزَّكَ نَغَمٌ أروعَ مِن تلبيةِ الملبيين وأنينِ التائبين، وتأوهِ الخاشعين ومناجاةِ المنكسرين؟ جموعٌ مُلبيةٌ، وأعينٌ باكيةٌ وعبراتٌ ساكبةٌ وألسنةٌ ذاكرةٌ وقلوبٌ خاشعةٌ ونفوسٌ خاضعةٌ وأيدٌ داعيةٌ وجباهٌ ساجدةٌ. . تُفرحُ كلَّ مؤمنٍ وتغيظُ كلَّ عدوٍّ وكافر. بتلك النفوسِ المؤمنةِ. الزمانُ يزدهرُ والأيامُ تحتفلُ والأرضُ في طربٍ والأرجاءُ تشتعلُ.

لبيكَ ربّي وإنْ لم أكنْ بينَ الزحَامِ مُلبيَا***لبيكَ ربّي وإنْ لم أكنْ بينَ الحجيجِ ساعيَا

لبيكَ ربّي وإنْ لم أكنْ بينَ عبادِكَ داعيَا***لبيكَ ربّي وإنْ لم أكنْ بينَ الصفوفِ مصليَّا

لبيكَ ربّي وإن لم أكنْ بينَ الجموعِ لعفوِكَ طالبَا **لبيكَ ربّي فاغفرْ جميعَ ذنوبِي أدقهَا وأجلهَا

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية

أولًا:  يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ؟

أيّها السادة: يومُ عرفةَ شرفٌ عظيمٌ وفضلٌ كبيرٌ مِن اللهِ جلّ وعلا، فهو اليومُ الذي نالتْ فيه أمةُ النبيِّ ﷺ وسامَ الرفعةِ والشرفِ على سائرِ الأممِ أجمعين، يومُ عرفةَ وما أدراكُم ما يومُ عرفةَ؟!إنّه اليومُ الذي خصَّهُ اللهُ بالأجرِ الكبيرِ والثوابِ العظيمِ عن كلِّ أيامِ السنةِ، إنّه اليومُ الذي يعمُّ اللهُ عبادَهُ بالرحماتِ، ويكفرُ عنهُم السيئات ويمحُو عنهم الخطايا والزلات، ويعتقهُم مِن النار…اليومُ الذي يُرَى فيهِ إبليسُ صاغرًا حقيرًا… اليومُ الذي أكملَ اللهُ فيهِ الدينَ وأتمَّ النعمَ على المسلمين.. إنّهُ يومُ عرفةَ… يومُ التجلياتِ والنفحاتِ الإلهيةِ، يومُ العطاءِ والبذلِ والسخاءِ، يومُ عرفةَ وما أدراكُم ما يومُ عرفةَ؟! أفضلُ يومٍ طلعتْ عليهِ الشمسُ، وهو اليومُ الذي يخرجُ فيه حجاجُ بيتِ اللهِ الحرامِ شعثًا غبرًا لأداءِ ركنِ الحجِّ الأعظمِ وهو الوقوفُ بصعيدِ عرفةَ، رافعينَ أكفَّ التضرعِ للمولى عزّ وجلّ، راجين مغفرتَهُ وعتقَهُ مِن النارِ. فأين مَن يتعرضونِ لنفحاتِ الرحمنِ جلّ جلاله؟ وأين مَن يتعرضونَ لمغفرةِ اللهِ وكرمهِ؟ أين مَن يغتنمونَ هذا اليومَ بالتجارةِ مع اللهِ تعالى كما يغتنمُهّ أهلُ الدنيا بتجارةِ الدنيا؟ هذا يومُ عرفةَ، يومُ المغفرةِ، فإذا كان الحجيجُ وهم واقفون في عرفاتٍ ينعمونَ برحماتِ اللهِ تعالى وغفرانهِ ورضوانِه.. فإنّ أبوابَ الرحمةِ والمغفرةِ والرضوانِ مفتوحةٌ أمامنَا ونحن في بيوتِنَا باستغلالِنَا لهذا اليومِ العظيمِ المباركِ بطاعةِ الرحمنِ جلّ جلالُه وتقدستْ أسماؤُه ، يومُ عرفةَ وما أدراكُم ما يومُ عرفةَ؟! إنّهُ موقفٌ مصغرٌ عن موقفِ الحشرِ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، حيثُ يقفُ الناسُ في عرفاتٍ مجردين مِن كلِّ شيءٍ، فالكلُ واقفٌ أمامَ ربِّ العزةِ عزّ وجلّ، لذا افتتحَ اللهُ سورةَ الحجِّ مذكرًا بيومِ القيامةِ، فقالَ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ يتجلَّى هناك موقفُ الإنسانيةِ والأخوةِ والمساواةِ، فلا رئيسٌ ولا مرؤوس، ولا حاكمٌ ولا محكوم، ولا غنيٌّ ولا فقير، ولا أميرٌ ولا مأمور، ولا أبيضُ ولا أسودُ ولا أصفر، الكلُّ عبيدٌ للهِ، الكلُّ يناجِي ربَّهُ العظيم، لينالُوا مغفرتَهُ ورضوانَهُ.

يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ؟ إنّه يومٌ مشهودٌ، ويومٌ عظيمٌ، أقسمَ اللهُ به لمكانتهِ في الإسلامِ، والعظيمُ لا يقسمُ إلّا بعظيمٍ، قالَ جلّ وعلا: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) [البروج:1-3]. وقد روى أبو هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهَ ﷺ : “الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَمَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَلا غَرَبَتْ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْهُ، فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللَّهَ بِخَيْرٍ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ، وَلا يَسْتَعِيذُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْهُ” رواه الترمذي. ويومُ عرفةَ هو الوترُ الذي أقسمَ اللهُ به في القرآنِ، فقالَ عزَّ مَن قال: ﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر ﴾ [الفجر: 3]، قال ابنُ عباسٍ: “الشفعُ يومُ الأضحَى، والوترُ يومُ عرفةَ.

يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ؟ إنّهُ يومُ التمامِ والكمالِ، فعن عمرَ بنِ الخطابِ أنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ ﷺ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ). متفق عليه

يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ؟ إنّهُ يومُ  الميثاقِ العظيمِ، حيثُ أخذَ اللهُ -عزّ وجلّ- الميثاقَ مِن ذريةِ آدمَ عليه السلام على أنْ يعبدُوه ولا يشركُوا به شيئًا، قالَ جلّ وعلا: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف:172-174]. وذلك يومُ عرفةَ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ يَعْنِي عَرَفَةَ فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلاً قَالَ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ” رواه الإمام أحمد. فيومُ عرفةَ يومٌ نتذكرُ فيهِ الميثاقَ الذي أخذَهُ اللهُ علينَا يومَ أخرجنَا مِن صلبِ أبينَا آدم، وأشهدَنَا أن لا نشركَ بهِ شيئًا.

تابع / خطبة الجمعة القادمة : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية

يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ؟ إنَّهُ يومُ مغفرةِ الذنوبِ، ويومُ العتقِ مِن النارِ، ويومُ المباهاةِ بأهلِ الموقفِ، حيثُ يُباهِي اللهُ بأهلِ عرفةَ ملائكتَهُ، فعن أبي هريرةَ رضى اللهُ عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ: إنَّ اللهَ يُباهي بأهلِ عرفاتٍ ملائكةَ السماءِ ، فيقولُ : انظُروا إلى عبادي هؤلاءِ ، جاءوني شُعْثًا غُبْرًا، أنفقوا الأموالَ وأتعبوا الأبدانَ أشهدكُم  يا ملائكتِي أنِّي قد غفرتُ لهم (صحيح ابن خزيمة). وهذا ما أخبرَ عنه الصادقُ المصدوقُ سيدُنَا مُحمدٌ ﷺ، فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ  ﷺ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُنَّ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتُهُنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ: هُنَّ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتِهِنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ)، صحيح ابن حبان.وعَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ)، رواه مسلم.نعم، هكذا يباهِي اللهُ بأهلِ عرفةَ ملائكةَ السماءِ، ويقولُ لهم بكلِّ حبٍّ وفخرٍ: (انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي)…اللهُ أكبرُ، فهنيئًا  لمَن كتبَ اللهُ له الوقوفَ بعرفاتٍ، وهنيئًا لك يامَن اغتنمتَ هذه الأيامَ بطاعةِ الرحمنِ.

يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ؟ صيامُهُ يكفرُ ذنوبَ سنتين، وهذا ما أخبرَنَا به نبيُّنَا العظيمُ ﷺ بأنَّ صيامَهُ فيه الأجرُ العظيمُ والثوابُ الكبيرُ، هذا الأجرُ وهذا الثوابُ هو مغفرةُ ذنوبِ سنتين، ولنسمعْ سويًّا إليهِ ﷺ وهو يقولُ: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)، رواه مسلم.

يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ ؟ يومُ عرفةَ يومٌ يغيظُ الشيطان، يومٌ يعمُّ اللهُ عبادَهُ بالرحماتِ ويُكفرُ عنهم السيئات، ويمحُو عنهم الخطايا والزلات، مِمّا يجعلُ إبليسَ يندحرُ صاغرًا، يقولُ حبيبُنَا مُحمدٌ ﷺ وهو يصفُ الشيطانَ وحالَهُ في ذلك الموقفِ: (مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ)، رواه مالك والبيهقي وعبدالرزاق وابن عبد البر. فأينَ المسلمُ الذي يدحرُ الشيطانَ ويجعلُهُ يتصاغرُ وذلك بتقديمِ الطاعاتِ للهِ تباركَ وتعالى في يومِ عرفةَ؟ فأين المؤمنُ الذي يحفظُ جوارحَهُ مِن المعاصي ليغيظَ الشيطان؟ فأين الموحدُ الذي يوحدُ الرحمنَ ويغيظُ الشيطان؟

يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ ؟ يومٌ يستجيبُ اللهُ فيه الدعوات، وهذا ما أخبرَنَا بهِ نبيُّنَا ﷺ، فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، رواه الترمذي، فعلى المسلمِ أنْ يتفرغَ للذكرِ والدعاءِ والاستغفارِ في هذا اليومِ العظيمِ، وليدعُ لنفسهِ ولِوالديْهِ ولأهلِه وللمسلمين، روي عن الفضيلِ بنِ عياضٍ أنّه نظرَ إلى تسبيحِ الناسِ وبكائِهِم عشيةَ عرفةَ فقال أرأيتُم لو أنّ هؤلاءِ صارُوا إلى رجلٍ فسألُوه دانقًا. – يعني: سدسَ درهمٍ – أكانَ يردهُم؟ قالوا: لا، قال: واللهِ للمغفرة عندَ اللهِ أهونُ مِن إجابةِ رجلٍ لهُم بدانقٍ. وقال ابنُ المبارك جئتُ إلى سفيانَ الثورِي عشيةَ عرفةَ وهو جاث على ركبتيهِ وعيناهُ تذرفانِ فقلتُ له: مَن أسوأُ هذا الجمعِ حالًا؟ قال: الذي يظنُّ أنّ اللهَ لا يغفرُ له. اللهُ أكبرُ، يا ربّ نسألُكَ مغفرةً للذنوبِ وعتقًا للرقابِ مِن النيران .

هكذا كان حالُ الصالحين في هذا اليومِ المبارك، فصومُوا هذا اليومَ المبارك، وأكثروا يا مسلمون مِن قولِ لا إلهَ إلّا الله، وحدَهُ لا شريكَ له.. له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير.. أكثروا يومَ عرفةَ مِن الدعاءِ وقولُوا: اللهُمّ برحمتِكَ التي وسعتْ كلَّ شيءٍ، نسألُكَ أنْ تغفرَ ذنوبَنَا، وتسترَ عيوبَنَا، وتيسرَ أرزاقَنَا، وأنْ تحسّنَ أخلاقَنَا، وتشفي أمراضَنَا، وتعافينَا وتحفظنَا وأموالنَا وأوطاننَا وأولادنَا، وتحققَ آمالنَا، وتُعِنَّا على ذكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ عبادتِكَ، وتوفِّقنَا لِمَا تحبّهُ وترضاهُ يا ربَّ العالمين..

قصدتُ بابَ الرجاء والناسُ قد رقدوا    *** وقمتُ أشكو إلى مولاي مـا أجـدُ

وقلتُ يـا أملـى في كـلِّ نائبـةٍ يا *** مَن عليه لكشـفِ الضـرِّ أعتمـدُ

أشكو إليـك أمـورًا أنـتَ تعلمُهـا*** ما لي على حملهَا صبـرٌ ولا جلـدُ

مــددتُ يدي بـالـذل مفـتـقـرًا   ***  يـا خيرَ مَـن مُـددت إليـه يــدُ

فـلا تردنـَّهـا يـا ربـِّى خائـبـةً *** فبحرُ جودِك يروِى كلَّ مَـن يـردُ

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية

ثانيــــًا: الأضحيةُ سنةٌ مؤكدةٌ عن النبيِّ المختارِ ﷺ.

أيُّها السادة: اعلموا أنّ مِن نِعمِ اللهِ -تعالى- علينَا ما شرعَهُ لنَا مِن الأضاحِي، فهي سُنةُ أبينَا إبراهيمَ -عليه السلام-، وسنةُ ونبيِّنَا مُحمدٍ -عليه الصلاةُ والسلامُ-، وقد جعلَ اللهُ -تعالى- لنا حسنةً بكلِّ شعرةٍ أو صوفٍ منها، وإنَّ أفضلَ ما يقومُ بهِ المُسلمُ في يومِ العيدِ هو التقربُ إلى ربِّهِ بذبحِ الأضاحِي، وهذا هو إبراهيمُ -عليه السلامُ- خليلُ الرحمنِ، أبو الأنبياءِ، سيدُ الأصفياءِ، إمامُ الحنفاءِ، ابتلاهُ ربُّهُ، بأنْ لم يرزقْهُ الذريةَ إلّا على كبرٍ، ورزقَ بعدهَا بإسماعيلَ، شبَّ الغلامُ فكان ملءَ سمعِ أبيهِ وبصرهِ، وخادِمَهُ وسنَدَه، بنى معه البيتَ، ورفعَا القواعدَ، وكان لديهِ أغلَى مِن كلِّ أولادِ الناسِ، ولا عجبُ فهو الولدُ، عندها جاء الامتحانُ الحقُّ، والبلاءُ المبينُ، الأمرُ مِن ربِّ العالمين، وأرحمِ الراحمين: يا إبراهيمُ اذبحْ ولدَك؟ نعم اذبحْ ولدَك، لم يكن هذا الأمرُ تلقاهُ إبراهيمُ مِن ربِّهِ كفاحًا، لا، ولا تلقاهُ مِن جبريلَ، كلا، بل كان رؤيَا منامٍ -ورؤيَا الأنبياءَ وحيٌ- فلا ترددَ ولا تلكؤَ، عجبًا إسماعيلُ جمّارةُ القلبِ، وريحانةُ الفؤادِ، يذبحهُ وبالسكين! لكنه أمرُ ربِّ العالمين.جاءَ إبراهيمُ على كبرِ سنِّهِ يحثُ الخطَى إلى ابنهِ، ويقولُ له بكلِّ ثقةٍ وعزيمةٍ: يا إسماعيلُ (إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) هل يستشيرُ الأبُّ ابنَهُ في ذبحهِ؟ كلا، بل كان مخبرًا ومشعرًا أنْ استعد، فما لأمرِ اللهِ ردٌّ،  لم يكن ردُّ الابنِ بأغربَ مِن موقفِ أبيهِ: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ) اصنعْ ما شئتَ، لن تجدنِي إلّا مسلمًا مذعنًا، ولك على امتثالِ أمرِ اللهِ معينًا: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات: 102]، عندها استعدَّ الأبُّ وابنُهُ، وأضجعَ الأبُّ ابنَهُ، هذا حدَّ شفرتَهُ، وللجبينِ تلّهُ، وهذا أسلمَ للهِ أمرَهُ، بقيتْ ساعةُ الصفرِ، أنْ تتحركَ السكينُ لتقطعَ منهُ الوتينَ، يا اللهُ موقفٌ لا كالمواقفِ! حينهَا، وفي تلك الأثناءِ، وقبل الذبحِ، ولمّا نجحَ إبراهيمُ في الابتلاءِ أنْ ليس في قلبهِ إلّا ربّه، ولا يزاحمُ حُبَّهُ لخالقهِ حُبٌّ، فلأجلِ اللهِ يهونّ كلُّ شيءٍ، جاءَ الأمرُ مِن ربِّ العالمين أن قد جُزتَ الابتلاءَ المبين، فأنالَهُ ربُّهُ جزاءَ تضحيتهِ وسامَ خليلِ الرحمن، وفدَى ابنَهُ بالقربانِ، وقال الرحمنُ في محكمِ التبيانِ: (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) [الصافات: 104 – 107]. ليمضِي ذلك الفداءُ مَنسكًا مِن مناسكِ دينِنَا العظيمِ إلى يومِ القيامةِ، جاء في مسندِ الإمامِ أحمدَ أنَّ الصحابةَ -رضوان اللهُ عليهم- سألُوا حبيبَ هذه الأُمةِ ﷺ قالوا: يا رسولُ اللهِ: ما هذه الأضاحي؟! قال: “سُنَّة أبيكُم إبراهيم”، قالوا: ما لنًا منها؟! قال: “بكلِّ شعرةٍ حَسَنة”، قالوا: يا رسولُ اللهِ: فالصوفُ؟! قال: “بكلِّ شعرةٍ مِن الصوفِ حَسَنة”. والأُضْحِيَةُ: ما يُذْبَحُ من بهيمةِ الأنعامِ أيامَ الأضحَى بسببِ العيدِ، تَقَرُّبًا إلى اللهِ عَزَّ وجَل. وقد قُرِنَ الذبحُ بالصلاةِ لعِظَمِ شأنِه، قال تعالى: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )، وقال تعالي:( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) وفي الصحيحين عن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي اللهُ عنه- قال: “ضحَّى النبيُّ ﷺ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا”. ووقتُ ذَبْحِ الأُضْحيةِ: هو يومُ النحرِ بعدَ صلاةِ العيدِ، عن البَرَاءِ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يخطبُ فقال: “إنَّ أوَّل ما نبدأُ بهِ في يومِنَا هذا أنْ نصلِّي، ثم نرجعُ فننحر، فمَن فعَلَ ذلك، فقد أصابَ سُنَّتَنَا، ومَن نَحَر قبلَ الصلاةِ، فإنَّما هو لحمٌ قدَّمَهُ لأهلهِ، ليس مِن النُّسُكِ في شيءٍ.) رواه البخاري والأضحيةُ شعيرةٌ مِن شعائرِ الدينِ، قالَ جلّ وعلا: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ﴾ [الحج: 36]، وقال جلّ وعلا ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية

ثالثــــًا: آدابُ الأضحيةِ.

أيُّها السادة : للأضحيةِ آدابٌ كثيرةٌ وعديدةٌ ينبغِي على المضحِي أنْ يراعهَا، منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ : أنْ يُراعِي الإحسانَ إلى الذبيحةِ؛ لقولِ النبيِّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواه مسلم ،ويسنُّ للمضحِّي إذا أرادَ أنْ يُضَحِّيَ وَدَخَلَ شَهْرُ ذي الحجَّةِ -إمَّا برؤيةِ هِلَالِهِ أو كمَالِ ذِي القعْدَةِ ثلاثينَ يومًا-، أنْ لا يأخذَ شيئًا مِن شَعْرِهِ أو أظفارِهِ أو جِلْدِهِ حتى يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ؛ لحديثِ أُمِّ سَلَمَة -رضِيَ اللهُ عنهَا- أنَّ النبيَّ ﷺ قَال: «إذا رَأيتم هِلَالَ ذي الحجَّة -وفي لفظٍ: إذا دَخَلَت العَشْرُ-، وأرادَ أحدُكُم أنْ يُضَحِّىَ فَليُمْسِك عَنْ شَعرِهِ وأظفارِهِ»..ويسنُّ للمضحِّي أنْ يذبحَ أضحيتَهُ بنفسهِ إنْ كان يحسنُ الذبحَ وإلّا فليشهد، لحديثِ أبي سعيدٍ الخدرِي رضى اللهُ عنه قال قال رسولُ اللهِ ﷺ يا فاطمةُ قومِي إلى أُضحيتِكِ فاشهدِيهَا ، فإنَّ لكِ بأولِ قطرةٍ تقطُرُ مِنْ دمِها يُغفرْ لكِ ما سلفَ من ذنوبِكِ . قالت : يا رسولَ اللهِ هذا لنا أهلَ البيتِ خاصَّةً أو لنا وللمسلمِين عامَّةً ؟ قال : بل لنا وللمسلمين عامَّةً . مرَّتينِ )) ويسنُّ التسميةُ عندَ الذبحِ، فيقولُ: “بسمِ اللهِ”؛ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 118]؛ وقولِهِ تعالَى: ﴿ وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ [الأنعام: 121]. ويُستحبُّ التَّكبِيرُ، فيقول: “اللهُ أكبرُ” مع التسميةِ، ولا تُشرعُ الزيادةُ عليهما إلاَّ بالدعاءِ بالقبولِ – عندَ ذبحِهَا؛ لحديثِ عائشةَ – رضي اللهُ عنها-، وفيه: وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» رواه مسلم.ولا يجوزُ بيعُ شيءٍ مِن الأضحيةِ، لا لحمِهَا، ولا شحمِهَا، ولا جلدِهَا؛ لأنَّه مَالٌ أُخرِجَ لله تعالى، فلم يَجُزْ الرجوعُ فيه. ولا يُعطَي الجَزَّار أُجرَتَه منها؛ لأنَّهُ مُعاوَضَةٌ، وهي في معنى البيع. قال عليٌّ – رضي اللهُ عنه: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا، قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا» رواه مسلم. فإنْ أعطاه أُجْرَته كاملاً أولاً، ثم أهدى له منها فلا بأس؛ لئلا تقع مُسامحةٌ في الأُجرة.ويُسَنُّ للمُضحِّي أنْ يأكلَ مِن أُضحيتِه، ويُهدِي للأقاربِ والجيرانِ، ويَتَصدَّقَ منها على الفقراءِ، قال تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، وقال النبيُّ ﷺ: «كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَادَّخِرُوا» رواه البخاري. وليس في الحديثِ تعيينُ مقدارِ ما يُؤكلُ أو يُهدَى، أو يُتصدَّقُ بالثلثِ. ويجوزُ أنْ يُعطَى الكافِرُ؛ لفقرهِ، أو قرابتِه، أو جوارِه، أو تأليفِ قلبِه، وهو مِن محاسنِ الإسلامِ. وإذا ذَبَحَ أُضحيتَهُ فله أنْ يَقُصَّ أظفارَهُ، ويأخذَ الشَّعْرَ الذي يجوزُ أخذهُ، ولو كان له أُضحيةٌ غيرُهِا.

وأمّا العيوبُ التي تمنعُ مِن الإجزاءِ في التضحيةِ ولا يجوزُ التضحيةُ بها فقد بيَّنَها النبيُّ ﷺ يَقولُ عُبيدُ بنُ فَيروزَ :سألتُ البراءَ بنَ عازبٍ ما لا يجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ قامَ فينا رسولُ اللَّهِ ﷺ وأصابعي أقصرُ من أصابعِه وأناملي أقصرُ من أناملِه فقالَ أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى).

إِلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّـــــــــي   ***   مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّـــــــي

 فَكَم مِن زِلَّةٍ لي في البَرايا   ***   وَأَنتَ عَلَيَّ ذو فَضلٍ وَمَــــنِّ 

يَظُنُّ الناسُ بي خَيرًا وَإِنّي   ***   لَشَرُّ الناسِ إِن لَم تَعفُ عَنّي

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم.

الخطبة الثانية …الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا به، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ……………………  وبعد

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية

رابعًا وأخيرًا: البدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوانِ !!!

أيُّها السادةُ: اغتنمُوا هذه الأيامَ والساعاتِ والأنفاسَ قبلَ أنْ يأتِيَ يومٌ لا ينفعُ فيه الندمُ. قبلَ أنْ يأتيَ يومٌ ويقولُ المرءُ منّا: أُريدُ أنْ أرجعَ إلى الدنيا فأعمل صالحًا، فالغنيمةَ الغنيمةَ قبلَ انقضاءِ الأعمارِ، والمبادرةَ المبادرةَ بالعملِ قبلَ انتهاءِ الأعمالِ، والعجلَ العجلَ قبلَ هجومِ الأجل، وقبلَ أنْ يندمَ المفرّطُ على ما فعلَ، وقبلَ أنْ يسألَ الرجعةَ فلا يُجابُ إلى ما سأل، قبلَ أنْ يحولَ الموتُ بينَ المؤمِّلِ وبلوغِ الأملِ، قبلَ أنْ يصيرَ المرءُ محبوسًا في حفرتهِ بمَا قدَّمَ مِن عملٍ، فبادرْ قبلَ أنْ تبادر، بادرْ بالتوبةِ والرجوعِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ والتخلصِ  مِنْ كُلِّ الْمَعَاصِي جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فإذا اجتمعَ للمسلمِ توبةٌ نصوحٌ مع أعمالٍ فاضلةٍ في أزمنةٍ فاضلةٍ فهذا عنوانُ الفلاحِ. قال تعالى: (فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) (القصص:67)، و بابُ التوبةِ مفتوحٌ لا يغلقُ أبدًا في كلِّ وقتٍ وحينٍ ما لم تطلعْ الشمسُ مِن مغربِهَا وما لم تصلْ الروحُ إلى الحلقومِ كما قالَ النبيُّ المختارُ ﷺ في حديثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)، رواه الترمذي. وأبشرْ: فما دمتَ في وقتِ المهلةِ فبابُ التوبةِ مفتوحٌ لقولِ المصطفَي ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) رواه مسلم ، بل قال المختارُ ﷺ كما في صحيحِ مسلمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ:” أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى :عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ). قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: لَا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ: اعْمَلْ مَا شِئْتَ)، فبابُ التوبةِ مفتوحٌ لا يغلقُ أبدًا.

إلهِي لستُ للفردوسِ أهلًا *** ولا أقوَى على نارِ الجحيمِ

فهبْ لي توبةً واغفرْ ذنوبِي *** فإنّك غافرُ الذنبِ العظيمِ

قال  ابنُ رجبٍ: مَن لم يستطعْ الوقوفَ بعرفةَ فليقفْ عندَ حدودِ اللهِ الذى عرفَهُ، ومَن لم يستطعْ المبيتَ بمزدلفةَ فليبتْ على طاعةِ اللهِ ليقربَهُ ويُزلفه، ومَن لم يقدرْ على ذبحِ هديهِ بمنَى فليذبحْ هواهُ ليبلغَ بهِ المنَى، ومَن لم يستطعْ الوصولَ للبيتِ لأنَّهُ بعيدٌ فليقصدْ ربَّ البيتِ فإنَّهُ أقربُ مِن حبلِ الوريدِ. واسمعْ إلى العزيزِ الغفارِ وهو ينادِى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر:53، يا مَن عوّدتَ لسانَكَ على الغيبةِ والنميمةِ وقولِ الزورِ تُبْ إلى اللهِ، يا مَن أهملتَ أولادَكَ وتركتَهُم لقرناءِ السوءِ، تُبْ إلى اللهِ، يا مَن تعودتَ على تأخيرِ الصلاةِ بادرْ مِن الآنَ وتُبْ إلى اللهِ ،عبدَ اللهِ يا مَن تعوّدتَ على أكلِ الحرامِ تُبْ إلى اللهِ وعُدْ إلى الحلالِ قبلَ أنْ يهجمَ عليكَ ملكُ الموتِ، عبدَ اللهِ لا تؤخرْ توبتَكَ، كيف بك لو نزلَ بك الموتُ وأنت على غيرِ توبةٍ، أعقدتَ مع ملكِ الموتِ عقدًا بعدمِ مجيئهِ؟ أم اتخذتَ عندَ الرحمنِ عهدًا أنْ لا يقبضَ روحَكَ حتى تتوب؟.فالبدارَ البدارَ بالتوبةِ والرجوعِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ قبلَ فواتِ الأوانِ .. وللهِ درُّ القائلِ:

دقاتُ قلبِ المرءِ قائلـــةٌ له *** إنّ الحياةَ دقـــــائقٌ وثوان
فارفعْ لنفسِكَ قبل موتِكَ ذكرَهَا ***   فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثان

. …حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز

إمام بوزارة الأوقاف

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

خطبة الجمعة بعنوان : أمانة العامل والصانع وإتقانهما ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 24 شوال 1445 هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة بعنوان : أمانة العامل والصانع وإتقانهما ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة بعنوان : أمانة العامل والصانع وإتقانهما ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 24 شوال …

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ – الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »