خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م : جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام ، للشيخ خالد القط

خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م بعنوان : جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 16 جماد الآخر 1445هـ ، الموافق 29 ديسمبر 2023م. 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م بصيغة word بعنوان : جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام ، للشيخ خالد القط

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام ، للشيخ خالد القط

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م ، بعنوان : جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:

جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام

“””””””””””””””””””

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، القائل فى كتابه العزيز ((وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)) سورة آل عمران (161).

وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم.

تابع / خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م

أما بعد

أيها المسلمون، فإن المسلم الحق حريص على أن تكون حياته كلها قائمة على الحلال الطيب، سواء من مأكل أو مشرب أو ملبس، بل كل ما ينتفع به في حياته لهو حريص على تحرى الحلال حتى يبارك الله له في ماله وأهله وولده، فهو لا يقبل ابدأ أن ينفق على نفسه أو أولاده من مال حرام وذلك لأنه يعلم جيداً قوله تعالى: ((يَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)) سورة البقرة (172) ويعلم أيضاً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى أخرجه ابن حبان وغيره بسند صحيح عن كعب بن عجرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ناصحاً وواعظاً ((يا كعبُ بنَ عُجْرةَ إنَّه لا يدخُلُ الجنَّةَ لحمٌ ودمٌ نبَتا على سُحتٍ النَّارُ أَوْلى به يا كعبُ بنَ عُجْرةَ النَّاسُ غاديانِ: فغادٍ في فِكاكِ نفسِه فمُعتِقُها وغادٍ موبِقُها يا كعبُ بنَ عُجْرةَ الصَّلاةُ قربانٌ والصَّدقةُ برهانٌ والصَّومُ جُنَّةٌ والصَّدقةُ تُطفِئ الخطيئةَ كما يذهَبُ الجليدُ على الصَّفا)).

أيها المسلمون والمال والممتلكات العامة واحد من هذه الأموال التي يحرم الاعتداء عليها، أو التقصير والإهمال في المحافظة عليها، لأنه مال يشترك فيه الجميع ويعود نفعه على عموم المجتمع، ولذلك تضافرت النصوص في الشريعة الإسلامية على تحريم الاعتداء على المال العام بأي صورة من صور الاعتداء.

تابع / خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م

وإذا تأملنا في القرآن الكريم وجدنا آيات كثيرة مثل قوله تعالى: ((وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)) سورة آل عمران (161) وقال أيضاً ((وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ  لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) سورة البقرة (188) وقال أيضاً ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)) سورة النساء (29).

أيها المسلمون وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتوي كذلك على الكثير من الأحاديث الشريفة التي تحرم الاعتداء على المال العام فعلى سبيل المثال:

__ فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه ((دَخَلَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ على ابْنِ عامِرٍ يَعُودُهُ وهو مَرِيضٌ فقالَ: ألا تَدْعُو اللَّهَ لي يا ابْنَ عُمَرَ؟ قالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بغيرِ طُهُورٍ ولا صَدَقَةٌ مِن غُلُولٍ. وَكُنْتَ على البَصْرَةِ.)).

تابع / خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م

__ وفى الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ((قامَ فِينا النبيُّ ﷺ، فَذَكَرَ الغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وعَظَّمَ أمْرَهُ، قالَ: لا أُلْفِيَنَّ أحَدَكُمْ يَومَ القِيامَةِ على رَقَبَتِهِ شاةٌ لَها ثُغاءٌ، على رَقَبَتِهِ فَرَسٌ له حَمْحَمَةٌ، يقولُ: يا رَسولَ اللَّهِ أغِثْنِي، فأقُولُ: لا أمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أبْلَغْتُكَ، وعلى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ له رُغاءٌ، يقولُ: يا رَسولَ اللَّهِ أغِثْنِي، فأقُولُ: لا أمْلِكُ لكَ شيئًا قدْ أبْلَغْتُكَ، وعلى رَقَبَتِهِ صامِتٌ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللَّهِ أغِثْنِي، فأقُولُ لا أمْلِكُ لكَ شيئًا قدْ أبْلَغْتُكَ، أوْ على رَقَبَتِهِ رِقاعٌ تَخْفِقُ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللَّهِ أغِثْنِي، فأقُولُ: لا أمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أبْلَغْتُكَ)).

__ وهذا الحديث كذلك أقدمه لكل مؤتمن أو موظف على المال العام ، فعند الشيخين من حديث أبى حميد الساعدي أنه قال ((اسْتَعْمَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا علَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قالَ: هذا مَالُكُمْ وهذا هَدِيَّةٌ. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَهَلَّا جَلَسْتَ في بَيْتِ أبِيكَ وأُمِّكَ، حتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إنْ كُنْتَ صَادِقًا ثُمَّ خَطَبَنَا، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنِّي أسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنكُم علَى العَمَلِ ممَّا ولَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتي فيَقولُ: هذا مَالُكُمْ وهذا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أفلا جَلَسَ في بَيْتِ أبِيهِ وأُمِّهِ حتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، واللَّهِ لا يَأْخُذُ أحَدٌ مِنكُم شيئًا بغيرِ حَقِّهِ إلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَومَ القِيَامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أحَدًا مِنكُم لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا له رُغَاءٌ، أوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إبْطِهِ، يقولُ: اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ بَصْرَ عَيْنِي وسَمْعَ أُذُنِي)، أيها  المسلمون، فلم نعهد أبدا أن النبي صلى الله عليه وسلم  تكلم بشدة في القول مثل هذا المقام، لأن الأمر يتعلق بالمال العام.

تابع / خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م

__ ويقول ابن كثير في تفسيره: ((عَنْ عَمْرو بْنِ شُعَيب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “رُدُّوا الْخِيَاط وَالْمِخْيَطَ، فَإنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنارٌ وَشَنَارٌ عَلَى أهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”)).

__ كما أضع هدا الحديث الشريف أمام كل شخص تسول له نفسه الاعتداء على المال العام ففي الصحيحين من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَومَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ)).

_  وإليكم هذا الحديث أيضاً أضعه أمام كل متعد على المال العام ففى الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ((خَرَجْنا مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى خَيْبَرَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عليْنا فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا ولا ورِقًا، غَنِمْنا المَتاعَ والطَّعامَ والثِّيابَ، ثُمَّ انْطَلَقْنا إلى الوادِي، ومع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَبْدٌ له، وهَبَهُ له رَجُلٌ مِن جُذامٍ يُدْعَى رِفاعَةَ بنَ زَيْدٍ مِن بَنِي الضُّبَيْبِ، فَلَمَّا نَزَلْنا الوادِيَ، قامَ عبدُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَحُلُّ رَحْلَهُ، فَرُمِيَ بسَهْمٍ، فَكانَ فيه حَتْفُهُ، فَقُلْنا: هَنِيئًا له الشَّهادَةُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: كَلّا والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، إنَّ الشِّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عليه نارًا أخَذَها مِنَ الغَنائِمِ يَومَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْها المَقاسِمُ، قالَ: فَفَزِعَ النَّاسُ، فَجاءَ رَجُلٌ بشِراكٍ، أوْ شِراكَيْنِ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أصَبْتُ يَومَ خَيْبَرَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: شِراكٌ مِن نارٍ، أوْ شِراكانِ مِن نارٍ)).

تابع / خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م

الخطبة الثانية

  أيها المسلمون، وصور الاعتداء على المال العام كثيرة ومتعددة، فالذين يسرقون التيار الكهربائي، والمياه، أو هؤلاء الذين يستولون على أرض الدولة بغير وجه حق، أو تحويل المرافق والشوارع العامة لاستغلال شخصي، أو هؤلاء الذين يأكلون حق الدولة من تأمينات وضرائب وغيرها، أو موظف عام يستعمل المال العام استغلالاً خاصاً، كل هؤلاء جميعاً آثمون ومجرمون في حق دينهم ووطنهم، وليعلم جميع هؤلاء بأن المال العام حرمته أشد من المال الخاص، فصاحب المال الخاص إن عفا أو سامح في حقه فإن الله سبحانه وتعالى أهل أن يعفو عن عبده، أما أنت يا من تستحل لنفسك المال العام فمن من ستطلب العفو والتسامح، يستحيل عليك أن تحظى بتسامح عموم الناس،

وإلى هؤلاء جميعاً أقدم لهم هذا النموذج والقدوة إنه الخليفة العادل عمر ابن عبدالعزيز الذى رفض أن يقضى أمورا خاصةً به على مصباح تابع للمال العام فتصوروا معي أيها المسلمون، إلى أي مدى كان السابقون يتحرجون من المال العام، فعلى هؤلاء جميعاً وجوب التوقف عن الاعتداء على المال العام وسرعة التوبة إلى الله تعالى، وَقَد قال ابن كثير في تفسيره، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَدِ امْتَنَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصَّلَاةِ عَلَى الْغَالِّ وهو من يأخذ من الغنيمة قبل قسمتها، فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل مدى حرمة المال العام.

تابع / خطبة الجمعة القادمة 29 ديسمبر 2023م

ولا يفوتنا هنا أيضاً أن نشير إلى الحق العام، خاصة بعد ما تحدثنا عن المال العام والممتلكات العامة، فمن الحق العام عدم الاعتداء على حق الغير سواء بإزعاجه أو إلحاق الضرر به كحال هؤلاء مثلاً الذين يقومون بتلويث البيئة سواء بالتلوث السمعي أو البصري، أو حرق بعض المخلفات التي تضر بالآخرين، فكل ذلك منهى عنه في ديننا الإسلامي الحنيف، وأنه من الاعتداء على الحق العام.

اللهم احفظ مصر واهلها من كل مكروه وسوء

كتبه : الشيخ خالد القط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

تابعنا علي الفيس بوك

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

للمزيد عن أخبار الأوقاف

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

للمزيد عن مسابقات الأوقاف