أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقافعاجل

خطبة بعنوان: “شحذ الهمم في الاعتبار بالزمن ومصائر الأمم، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 1 ربيع الآخر 1438هـ – 30 ديسمبر 2016م

خطبة بعنوان: “شحذ الهمم في الاعتبار بالزمن ومصائر الأمم، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 1 ربيع الآخر 1438هـ – 30 ديسمبر 2016م.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

 

ولقراءة الخطبة كما يلي: 

عناصر الخطبة:

العنصر الأول: العبرة من مرور الأيام والأعوام

العنصر الثاني: الاعتبار بمصائر الأمم

العنصر الثالث: حتى يغيروا ما بأنفسهم

 المقدمة:                                                            أما بعد:

العنصر الأول: العبرة من مرور الأيام والأعوام

عباد الله: بالأمس القريب كنا نحتفي ونحتفل بالعام الهجري الجديد؛ وفي هذه الأيام نلتقي مع عام ميلادي انصرم من أعمارنا؛ وهكذا تمر بنا الأيام { وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } ( آل عمران: 140)؛ ففي توالي الأيام والأعوام عبرٌ وتذكرةٌ للمتذكرين, وفي أفول الأزمنة آيات للمتبصرين, سنوات تمضي على العباد, وأيام وشهور تنقضي من الأعمار, والعاقل من جعل هذه الآيات سبيلاً للتفكر, وميداناً رحباً للتبصر. { يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ }؛ ( النور: 44)، أي غفلة أعظم من تمر الأعوام وتنقص الأعمار ولا تتأثر النفوس, ولا تتعظ القلوب؟!

عباد الله: إن تقارب الوقت والزمن وسرعة مروره دون فائدة علامة على قرب الساعة، فقد أخرج الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَالضَّرَمَةِ بِالنَّارِ ” ؛ وفي رواية “وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ الْخُوصَةُ ” أي ورق الجريد اليابس، وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيُقْبَضُ الْعِلْمُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ. قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ الْقَتْلُ” (متفق عليه)؛ فهذه العلامة من علامات الساعة من أوضح العلامات وأظهرها اليوم؛ إذ أننا نشهد وقوعها اليوم ونراها واضحة جلية، فالوقت يمر على الناس بصورة سريعة تدعو للدهشة والتأمل، فلا بركة في الوقت؛ حتى يخيل إلى الواحد أن السنة كالشهر؛ والشهر كالأسبوع؛ والأسبوع كاليوم؛ ولا أصدق من وصف النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن حجر: ” قد وجد ذلك في زماننا هذا , فإننا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا .” (فتح الباري)

قلت : كيف لو رأى زماننا اليوم ! فنحن اليوم نشهد بوضوح هذه المعاني لتقارب الزمان فلا يوجد بركة في الوقت وأصبح الناس يتحدثون عن السنوات وكأنها أشهر ناهيك عن الأيام والأسابيع !

أيها المسلمون: مضى عام بكل ما يحمل من أحداث وأفراح وأحزان، وجاء عام لا ندري ما الله فاعل فيه ؛ عام كامل تصرَّمت أيامه وتفرقت أوصاله، وقد حوى بين جنبيه حِكَماً وعبراً، وأحداثاً وعظات، فلا إله إلا الله، كم شقي فيه من أناس؟ وكم سعد فيه من آخرين؟ كم من طفل قد تيتم؟ وكم من امرأة قد ترملت؟ وكم من مريض قد تعافى؟ وكم من سليم في التراب قد توارى؟ رأينا أهل بيت يشيعون ميتهم، وآخرون يزفون عروسهم، دار تفرح بمولود، وأخرى تُعَزَّى بمفقود، هنا عناق وعبرات من شوق اللقاء، وهناك عبرات تهلّ من لوعة الفراق، وهذه آلام تنقلب أفراحاً، وأفراح تنقلب أتراحاً. ولنا في مرور الأعوام عبرة! .

هذا أحدهم يتمنى دوام يومه ليتلذذ بفرحه وغبطته وسروره، وآخر يتمنى انتهاء يومه ليتخلص من همومه وشروره، أيام تمر على أصحابها كالأعوام، وأعوام تمر على أصحابها كالأيام؛ مضى عام، وهكذا تمر الأيام تسحب وراءها الشهور تجر خلفها السنين ويمر جيل بعد جيل . ولنا في مرور الأعوام عبرة! .

 مضى عام ، وكلٌ منا يحتفي ويحتفل بذكرى ميلاده؛ وزيادة عام من عمره؛ والمتأمل المتبصر يعلم أنه قد نقص من عمره عام، ماذا؟!!! نعم نقص من عمره عام، فقد يظن البعض أن عمره زاد عاماً فالعام الماضي كنت أبلغ تسعاً وثلاثين سنة، وهذا العام قد بلغت الأربعين فزاد عمري، نقول: لا، بل نقص عمرك يا مسكين!! يقول بعضهم: كيف يفرح من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره؟! كيف يفرح من عمره يقوده إلى أجله، وحياته تقوده إلى موته ؟!

عباد الله: إن الأعمار مضروبة ، والآجال مقسومة، وكل واحد منا قد قسم له نصيبه في هذه الحياة ، فهذا يعيش خمسين سنة، وذاك يعيش ستين سنة، وذاك يعيش عشرين سنة؛ وأنت منذ أن خرجت إلى الدنيا، وأنت تهدم في عمرك وتنقص من أجلك .

أرأيت يا أخي لو أن أنسانا سافر من مدينة إلى أخرى، فإنه كلما قطع مسافة سوف تقصر المسافة التي بينه وبين تلك المدينة التي يريد الذهاب إليها؟!! أرأيت إلى هذا التقويم الذي نضعه فوق مكاتبنا في بداية كل عام، إنه مليء بالأوراق، وفي كل يوم نأخذ منه ورقة واحدة فقط، وفي نهاية العام لا يبقى منه إلا الجلدة فقط .

هكذا عمري و عمرك يا أخي : مجموعة أيام، و مجموعة ليالي، كلما مضي يوم أو انقضت ليلة كلما نقصت أعمارنا، كلما نقص رصيد أيامنا في هذا الحياة حتى ينتهي ذلك الرصيد، ثم نغادر هذه الدنيا . واه لنا ثم واه لنا، ما أشد غفلتنا عن هذه الحقيقة !!

إن الإنسان في هذه الحياة الدنيا كمثل المسافر. يقول ابن القيم – رحمه الله – : الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين, وليس لهم حط رحالهم إلا في الجنة أو في النار؛ والعاقل يعلم أن السفر مبني على المشقّة وركوب الأخطار، ومن المحال عادة أن يطلب فيه نعيم ولذّة وراحة, إنما ذلك بعد انتهاء السفر. ( الفوائد )

أحبتي في الله: هناك وقفة جميلة تفكرت فيها بين ولادة الإنسان ووفاته، فالمولود حين ولادته يؤذن في أذنه اليمنى وتقام الصلاة في اليسرى، ومعلوم أن كل أذان وإقامة يعقبهما صلاة، فأين الصلاة؟!!!

أقول: صلاة الجنازة ليس لها أذان ولا إقامة؛ لأنه قد أذن وأقيم لها عند ولادتك؛ والفترة التي بين الأذان والإقامة والصلاة كفترة عمرك في الدنيا!!

عبد الله: اعلم أن انصرام عام يعني انصرام بعضك كما قال الحسن البصري: “يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك”. وقال: “يا ابن آدم، نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك”. وقال: “الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه”. فكل يوم يمر عليكم تزدادون بعدا من الدنيا وقربا من الآخرة فاعملوا وتزودوا لها ؛ قال علي بن أبي طالب: ارتحلت الدنيا مدبرة ؛ وارتحلت الآخرة مقبلة ؛ ولكل واحدة منهما بنون؛ فكونوا من أبناء الآخرة؛ ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل .

لذلك كانوا لا يندمون إلا على فوات الوقت الذي لم يرفعهم درجة، قال ابن مسعود: “ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي”.

فهيا قبل أن تندم ولا ينفع الندم؛ فقد وقف الحسن البصري على جنازة رجلٍ فقال لصاحب له يعظه: تُرى هذا الميت لو رجع إلى الدنيا ماذا يصنع؟! قال: يكثر من الطاعات؛ قال له الحسن: قد فاتته فلا تفتك أنت!! أقول لكم أيها المسلمون: قد فاتت من كان قبلكم؛ والفرصة ماثلة أمامكم فماذا أنتم فاعلون؟!! لذلك شكى وبكى الصالحون والطالحون ضيقَ العمر، وبكى الأخيارُ والفجارُ انصرامَ الأوقات، فأما الأخيارُ فبكوا وندموا على أنهم ما تزودوا أكثر، وأما الفجارُ فتأسفوا على ما فعلوا في الأيامِ الخالية. فعن أَبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ إِلَّا نَدِمَ. قَالُوا وَمَا نَدَامَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: إِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ ازْدَادَ ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ نَزَعَ” (الترمذي وابن المبارك في الزهد بسند ضعيف)؛ ويوم القيامة تندم وتقول: { يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} ( الفجر: 24)، قال: لـ(حياتي) .. ولم يقل: (في حياتي)..كأن حياته لم تبدأ بعد..الحياة الحقيقية هي الآخرة.. يقول: الإمام الفخر الرازي: ( يا ليتني قدمت  ) في الدنيا التي كانت حياتي فيها منقطعة لحياتي هذه التي هي دائمة غير منقطعة ، وإنما قال : ( لحياتي  ) ولم يقل : ” لهذه الحياة ” على معنى أن الحياة كأنها ليست إلا الحياة في الدار الآخرة ، قال تعالى : { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}. [ العنكبوت : 64 ] أي لهي الحياة .( مفاتيح الغيب )

فإياكم وضياع الوقت فيما لا فائدة فيه؛ يقول ابن القيم: “إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها”. ويقول الفضيل بن عياض لرجل: كم أتى عليك ؟ قال : ستون سنة . قال : فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ . فقال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون . قال الفضيل: أتعرف تفسيره تقول : إنا لله وإنا إليه راجعون !! فمن علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسئول، فليعد للسؤال جوابا، فقال الرجل: فما الحيلة ؟ قال: يسيرة . قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى؛ فإنك إن أسأت فيما بقي، أُخذت بما مضى وما بقي والأعمال بالخواتيم .

ودخل شيخ من الأزد على معاوية، فقال: اتق الله يا معاوية، واعلم أنك كل يوم يخرج عنك، وفي كل ليلة تأتى عليك لا تزداد من الدنيا إلا بعداً، ومن الآخرة إلا قرباً، وعلى إثرك طالب لا تفوته، وقد نصب لك علم لا تجوزه، فما أسرع ما تبلغ العلم، وما أوشك أن لحقك الطالب، وإنا وما نحن فيه وأنت زائل، والذي نحن صائرون إليه باق، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

عباد الله: إن الأعوام التي تنصرم سنسأل عنها أمام الله ، فعن معاذ بن جبل أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: ” لنْ تَزُولَ قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسْأَلَ عن أَرْبَعِ خِصالٍ عن عُمُرِهِ فيمَ أَفْناهُ ؟ وعَنْ شَبابِه فيمَ أَبْلاهُ ؟ وعَنْ َمالِهِ من أين اكْتَسَبَهُ وفيمَ أنْفَقَهُ ؟ وعَنْ علمِهِ ماذا عمِلَ فيهِ .” [الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح]. وأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم- أن الوقت نعمة من نعم الله على خلقه ولابد للعبد من شكر النعمة وإلا سُلبت وذهبت. وشكر نعمة الوقت يكون باستعمالها في الطاعات، واستثمارها في الباقيات الصالحات، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ” [البخاري ] . يقول ابن حجر: ” أشار بقوله ” كثير من الناس” إلى أن الذي يوفق لذلك قليل. وقال ابن الجوزي: قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون.”(فتح الباري).

العنصر الثاني: الاعتبار بمصائر الأمم

عباد الله: إن من يطالع كتاب الله الخالد يجد أن الله عز وجل ذكر قصص الأمم السابقة وأحوالهم مع أنبيائهم وما أحل بهم من عقاب وعذاب وهلاك ودمار؛ لنأخذ العبرة والعظة من ذلك؛ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111]؛ يقول الإمام ابن كثير: ” لقد كان في خبر المرسلين مع قومهم، وكيف أنجينا المؤمنين وأهلكنا الكافرين { عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ } وهي العقول” . وقال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} [الروم:42]. يقول ابن تيمية: “وإنما قص الله علينا قصص من قبلنا من الأمم لتكون عبرة لنا فنشبه حالنا بحالهم ونقيس أواخر الأمم بأوائلها، فيكون للمؤمن من المتأخرين شبه بما كان للمؤمن من المتقدمين، ويكون للكافر والمنافق من المتأخرين شبه بما كان”. [العقود الدرية]. وقال جل شأنه: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران:137].  قال القرطبي: “المعنى قد خلت من قبلكم سنن يعني بالهلاك فيمن كذب قبلكم كعاد وثمود والعاقبة آخر الأمر؛ وهذا في يوم أحد يقول: فأنا أمهلهم وأملي لهم وأستدرجهم حتى يبلغ الكتاب أجله؛ يعني بنصره النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وهلاك أعدائهم الكافرين” .[تفسير القرطبي ]. ونحن نعلم أن العذاب أنواع وألوان؛ كالغرق والخسف والمسخ والصيحة والرجفة وغير ذلك؛ قال تعالى:{  فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}( العنكبوت:40) .

أحبتي في الله: هناك عدة أسباب لوقوع العقاب والهلاك بالأمم الماضية؛ لنأخذ منها العظة والعبرة؛ حتى لا نقع فيما وقع فيه السابقون والمعاصرون؛ وكما قيل: عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه……….ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه.

وهذه الأسباب تتلخص فيما يلي:

أولاً: تكذيب الرسل والأنبياء: وهذا أساس كل دمار وهلاك وعذاب كما سُطِّر ذلك في القرآن الكريم؛ فقال تعالى عن قوم نوح: { فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ} (الأعراف: 64)؛ وقال عن عاد قوم هود – عليه السلام- : { فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ} (الأعراف: 72)؛ وقال عن قوم موسى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً * فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً }[ سورة الفرقان: 35 ـ 36]؛ وقال تعالى عن قوم فرعون وغيرهم: {كَدَأْبِ ءالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَـاتِ رَبّهِمْ فَأَهْلَكْنَـاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا ءالَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَـالِمِينَ} [الأنفال: 54]. فانظر: ما السبب الحقيقي؟ كذبوا بآياتنا. يقول ابن كثير: “فعل هؤلاء من المشركين المكذبين بما أرسلت به يا محمد كما فعل الأمم المكذبة قبلهم؛ ففعلنا بهم ما هو دأبنا؛ أي عادتنا وسنتنا في أمثالهم من المكذبين من آل فرعون ومن قبلهم من الأمم المكذبة بالرسل” [تفسير ابن كثير ]. وقال تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً * وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً * وَكُلّاً ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلّاً تَبَّرْنَا تَتْبِيراً * وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُوراً }[ سورة الفرقان: 37 ـ 40 ]. فالتكذيب عامل مشترك بين جميع الأمم الماضية؛ ووصف الأنبياء بالسحر والجنون سمة المكذبين؛ وكأنهم تواصوا بذلك فيما بينهم جيلا بعد جيل. { كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} (الذاريات: 52 ؛ 53)

ثانيا: الظلم: قال تعالى محذراً من الظلم الذي كان سببا في هلاك الأمم السابقة: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَـاهُمْ لما ظلموا} [الكهف:59]. قال ابن كثير: “الأمم السالفة والقرون الخالية أهلكناهم بسبب ظلمهم وكفرهم وعنادهم. .. وكذلك أنتم أيها المشركون: احذروا أن يصيبكم ما أصابهم، فقد كذبتم أشرف رسول وأعظم نبي، ولستم بأعز علينا منهم، فخافوا عذابي ونذر”. [تفسير ابن كثير]. ولقد أخبرنا الله عز وجل بهلاك الأم الماضية بسبب الظلم المنتشر بينهم؛ وأن الله استخلفنا بعدهم للاختبار والامتحان وأخذ العبرة من نهاية الظلم والظالمين فقال: { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}. (يونس: 13 ؛ 14)

والظلم من المعاصي التي يعجل الله عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، فعن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ”. [أحمد أبو داود والترمذي والحاكم وصححه]. وقال صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ.” [أحمد أبو داود والترمذي وصححه].

وقد تتأخر عقوبة الظلم إلى حين وأجل يعلمه الله، فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ” قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَـالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}. [هود:102] [البخاري].

وحكى الله عن مصارع الأمم الظالمة الطاغية كقوم عاد وثمود وفرعون، فقال: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِى الأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْاْ فِى الْبِلادِ فَأَكْثَرُواْ فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:9-14]. وقال: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَـالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً ءاخَرِينَ} [الأنبياء:11]. وقال: {فَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـاهَا وَهِىَ ظَالِمَةٌ فَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} [الحج:45].

ثالثا: كثرة الذنوب والمعاصي والمنكرات وقلة الأمر بالمعروف: ومن الأسباب التي تحل العذاب العاجل في الأمم فشو المنكرات وشيوعها، وذلك عندما تقصر الأمة بواجبها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الله: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25]. فعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ؛ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ؛ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟!! قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ”. [متفق عليه]. وعَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَفْشُ فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا؛ فَإِذَا فَشَا فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا فَيُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِقَابٍ”. [أحمد والطبراني]. والمنكرات إنما تفشو وتظهر حين تقصر الأمة عن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتصبح المعصية في المجتمع ظاهرة مألوفة، وحينها تعم العقوبة الجميع؛ فعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ”. [أحمد والترمذي وحسنه ].

 رابعاً: الغلو في الدين: فالغلو والتشدد في الدين؛ والأفكار المتطرفة المنحرفة الضالة العفنة سبب في هلاك العباد والبلا؛ لذلك حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ” [أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه] قال المناوي: “إياكم والغلو في الدين؛ أي التشديد فيه ومجاوزة الحد والبحث عن غوامض الأشياء والكشف عن عللها “.[فيض القدير ]؛ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ؛ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ”. [البخاري ومسلم ]. قال النووي: “المراد بهلاك من قبلنا هنا هلاكهم في الدين بكفرهم وابتداعهم , فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مثل فعلهم”.(شرح النووي). وقال ابن حجر عن المسائل الوارد ذمها في الحديث: “ما كان على وجه التعنت والتكلف” [فتح الباري].

خامساً: كفران النعم: وهو جحودها وعدم شكرها؛ وذلك سبيل الهلاك والعذاب. قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لازِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7] يقول الطبري في بيان معنى الآية: “ولئن كفرتم أيها القوم نعمة الله فجحدتموها بترك شكره عليها وخلافه في أمره ونهيه وركوبكم معاصيه إن عذابي لشديد، أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي” [تفسير الطبري ].

وحكى الله مصارع الأمم التي كفرت نعم الله فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل:112]. قال المناوي: “ما زال شيء عن قوم أشد من نعمة لا يستطيعون ردها، وإنما ثبتت النعمة بشكر المنعم عليه للمنعم، وفي الحِكم: من لم يشكر النعمة فقد تعرض لزوالها، ومن شكرها فقد قيدها بعقالها. وقال الغزالي: والشكر قيد النعم، به تدوم وتبقى، وبتركه ينعقد وتتحول، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]” [فيض القدير ].

سادساً: التنافس في الدنيا والشح بما فيها: ومن أسباب هلاك الأمم الركون إلى الدنيا والتسابق فيها، وهو الداء الذي أهلك الأمم السابقة؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:” إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ؛ أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا ؛ وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا ؛ وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا “. [أبو داود وأحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي]. قال ابن حجر: “فيه أن المنافسة في الدنيا قد تجر إلى هلاك الدين” [فتح الباري].  وهو ما حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته منه حين حذرها من فتنة الدنيا والتسابق فيها فقال: ” فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ؛ وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا؛ وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ”. [البخاري ومسلم].

فكم من أخ قتل أخاه من أجل الميراث؟!! وكم من جار قتل جاره من أجل شبرٍ من الأرض ؟! وكم من مسلم قتل مسلما من أجل جنيه؟! وهذا حدث فعلاً حينما حدث شجار مع سائق أجرة فاختلفا على جنيه فما لبث أحدهما حتى أشهر مطوى فقتل بها الآخر!!

سابعاً: التفرق والتحزب والاختلاف: وهذا ملموس في واقعنا المعاصر كما نراه في معظم الدول؛ ضعفٌ في الإيمان، وقسوة في القلوب، وتفرق في الكلمة، واختلال في الصف، ونزاعٌ بين الإخوة، وأحقاد وأطماع، لا يستفيد منها إلا أعداء الإسلام، الذين لا يزيدهم مرور الأعوام إلا قوة وفتوة؟! وقد يبلغ التفرق بالأمة مبلغ الاحتراب والاقتتال، فيفني بعضهم بعضا، ويقتلون أنفسهم ويتركون أعداءهم؛ كما وقع ذلك في كثير من دول الإسلام وتاريخهم، ولا يزال يقع إلى يومنا هذا، فعن عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ الْعَالِيَةِ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً؛ سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا” ( مسلم ).

أيها المسلمون: هذه هي أسباب هلاك ودمار الأمم القديمة والحديثة؛ لنأخذ منها العظة والعبرة؛ وكما قيل: ” السعيد من وعظ بغيره، والشقي من اتعظ به غيره “، فهل اعتبرنا واتعظنا بغيرنا أم ننتظر أن يتعظ بنا غيرنا؟!! ويعجبني قول الإمام على – رضي الله عنه- :” ما أكثر العبر وأقل الاعتبــــار!!”.

العنصر الثالث: حتى يغيروا ما بأنفسهم

عباد الله: إن ما نحن فيه من غلاء وأزمات جنيناه بما كسبت أيدينا؛ وهذه حقيقة ذكرها القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان؛ قال تعالى: {وَمَا أَصابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30]. قال الطبري: “يقول تعالى ذكره: وما يصيبكم أيها الناس من مصيبة في الدنيا في أنفسكم وأهليكم وأموالكم فبما كسبت أيديكم. يقول: فإنما يصيبكم ذلك عقوبة من الله لكم بما اجترحتم من الآثام فيما بينكم وبين ربكم، ويعفو لكم ربكم عن كثير من إجرامكم فلا يعاقبكم به” [الطبري].

وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41].

يقول ابن كثير: “إن النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي ليذيقهم بعض الذي عملوا …..يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختباراً منه على صنيعهم {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أي عن المعاصي”. فالناس يظلمون أنفسهم بارتكاب المعاصي والآثام؛ {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس:44]. ومع ظلمهم فإن الله لا يؤاخذهم به؛ { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى }. (النحل: 61). ” قال ابن مسعود: لو آخذ الله الخلائق بذنوب المذنبين لأصاب العذاب جميع الخلق حتى الجعلان في جحرها؛ ولأمسك الأمطار من السماء والنبات من الأرض فمات الدواب، ولكن الله يأخذ بالعفو والفضل كما قال: {وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30]” [تفسير القرطبي]. والجعلان: حيوان كالخنفساء يكثر في المواضع النَّدِيَة .

أيها المسلمون: إن ما ابتليت به الأمة من أمراض فتاكة؛ وغلاء في الأسعار ؛ وانتشار الفقر والشدة في البلاد؛ وغيرها من الأمراض الاجتماعية الأخرى؛ سببه المعاصي والذنوب والميل عن منهج الله جل وعلا .

وما أجمل مقولة عبد الله بن عباس: إن للحسنة ضياءً في الوجه ، ونورا في القلب ، وسعة في الرزق ، وقوة في البدن ، ومحبة في قلوب الخلق ، وإن للسيئة سوادا في الوجه ، وظلمة في القبر والقلب ، ووهنا في البدن ، ونقصا في الرزق ، وبغضة في قلوب الخلق . وقال بعض السلف : إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي ، وامرأتي ( الداء والدواء لابن القيم )

فكم من نعم ذهبت يوم اقترفت المعاصي؟! وكم حُرم الناس من خير عميم من ذنب فاسق أثيم، يجري الغمام فوق الديار، فلا ينزل عليهم الغيث المدرار؛ لما كسبته قلوبهم من الأخطال، فذاقوا من أمرهم الوبال؟!.

إذا كنت فِي نعمة فارعها ……………… فإن المعاصي تزيل النعم

وحطها بطاعة رب العباد……………….. فرب العباد سريع النقم

والله -تعالى- يبتلي عباده ببعض ما كسبت أيديهم لكي ينتبهوا ويراجعوا أنفسهم، فعن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا مَعْشَرَ المهاجرينَ ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ : لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا ، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم ، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا ، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم ، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم ، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم” (ابن ماجة والبيهقي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي)

فالمعاصي والذنوب وارتكاب المحرمات لها أثرها السيئ في حجب النعم والبركات عامة ؛ وقد تضافرت نصوص القرآن والسنة وأقوال سلف الأمة في ذلك؛ فحرمان الرزق سببه الذنوب والمعاصي؛ ويدل على ذلك قَول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ “( أخرجه أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه ). وكان الحسن البصري -رحمه الله- إذا رأى السحاب قال: في هذه والله رزقكم، ولكنكم تحُرمونه بخطاياكم وذنوبكم. قال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات:22]، فالرزق المطر، وما توعدون به الجنة، وكلاهما في السماء. ويقول أبو هريرة رضي الله عنه : إن الحباري – نوع من الطيور – لتموت في وكرها من ظلم الظالم . وقال مجاهد رحمه الله: إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السَنَة – أي : القحط – وأمسك المطر , وتقول : هذا بشؤم معصية ابن آدم . وقال عكرمة رحمه الله : دواب الأرض وهوامها ، حتي الخنافس ، والعقارب يقولون : مُنعنا القطر بذنوب بني آدم .

فالذنوب والمعاصي لها تأثيرها السلبي حتى في الانهزام أمام العدو ؛ لذلك كان عمر – رضي الله عنه – يقول :” أنا لا أخاف علي الجيش من عدوه ولكن أخشي عليه من ذنوبه .. وكان إذا تأخر النصر يرجع عمر بن الخطاب هذا التأخير للمعصية قائلاً : نحن إذا أطعنا الله تفوقنا علي عدونا أما إذا عصيناه فقد استوينا مع عدونا أمام الله؛ وتفوق علينا بالعدة والعتاد…

ولذلك كان المسلمون على تعاقب العصور والأزمان ينظرون إلى غلاء الأسعار والقحط وجدب الأرض على أنه نوع من العقوبة الإلهية بسبب الذنوب والمعاصي والسيئات فيبادرون إلى التوبة والإنابة إلى الله وتقوى الله عز وجل؛ فقد علق الله عز وجل البركة في الرزق ورغد العيش وتحقيق الأمن الغذائي بالإيمان والتقوى فقال تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (الأعراف: 96). قال ابن كثير : ” قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا } أي: آمنت قلوبهم بما جاءتهم به الرسل، وصدقت به واتبعته، واتقوا بفعل الطاعات وترك المحرمات، { لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ } أي: قطر السماء ونبات الأرض.” أ.ه . وقال – أيضاً – عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} (المائدة : 65 ؛ 66) يقول ابن كثير :” وقوله: { لأكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } يعني بذلك كثرة الرزق النازل عليهم من السماء والنابت لهم من الأرض. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { لأكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ } يعني: لأرسل السماء عليهم مدرارًا، { وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } يعني: يخرج من الأرض بركاتها.” أ.ه.

أحبتي في الله: إن علاج ما نحن فيه يكمن في قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (الرعد: 11). وقوله: {ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال:53].قال الطبري: “يقول تعالى ذكره: إن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضاً واعتداء بعضهم على بعض، فتحل بهم حينئذ عقوبته وتغييره” [تفسير الطبري]. ويقول ابن كثير:” يخبر تعالى عن تمام عدله، وقسطه في حكمه، بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه، …. كصنعه بآل فرعون وأمثالهم حين كذبوا بآياته، أهلكهم بسبب ذنوبهم، وسلبهم تلك النعم التي أسداها إليهم من جنات وعيون، وزروع وكنوز ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين، وما ظلمهم الله في ذلك، بل كانوا هم الظالمين.”(تفسير ابن كثير )

فغيروا ما بأنفسكم قبل أن يعمكم عقاب الله تعالى؛ يقول صلى الله عليه وسلم:” مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ”. [أبو داود وأحمد وابن ماجة وابن حبان ]. “قال القاري: إذا كان الذين لا يعملون المعاصي أكثر من الذين يعملونها فلم يمنعوهم عنها عمهم العذاب. وقال العزيزي: لأن من لم يعمل إذا كانوا أكثر ممن يعمل كانوا قادرين على تغيير المنكر غالبًا، فتركهم له رضًا به” [عون المعبود]. فالعقاب يشمل الجميع الصالح والطالح؛ لأن الصالح لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر؛ فعمه العقاب في الدنيا؛ والعقاب الدنيوي الذي ينزل بالجميع لا يعني الاشتراك في العذاب في الآخرة، بل كل يحاسب عن عمله، فعن أم سلمة مرفوعاً: ” إذا ظَهَرتِ المعاصي في أمَّتي عمَّهمُ اللَّهُ بعذابٍ من عندِهِ فقلتُ : يا رسولَ اللَّهِ أما فيهِم صالِحونَ ؟ قال : بلَى يصيبُهم ما أصابَ النَّاسُ ثُمَّ يصيرونَ إلى مغفِرةٍ من اللَّهِ ورضوانٍ ” [مجمع الزوائد وقال الهيثمي: رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح ].

قال القرطبي: “فإن قيل فكيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمنا ليس بظالم؟! قيل يجعل هلاك الظالم انتقاما وجزاءً وهلاك المؤمن معوضاً بثواب الآخرة؛ وفي صحيح مسلم عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ. ” [تفسير القرطبي].

أحبتي في الله: علينا أن نغير ما بأنفسنا من كل فساد وأخلاق ذميمة إلى الصلاح والقيم الفاضلة.

نغير ما بأنفسنا من الحالة المتردية التي نحياها إلي استشراف المستقبل بأمل كله ثقة في الله .

نغير ما بأنفسنا من الكسل والخمول إلى الجد والاجتهاد والعمل والنشاط .

نغير ما بأنفسنا من المعاصي والذنوب إلي المجاهدة في التقرب إلي الله سبحانه وتعالي .

نغير ما بأنفسنا من الأحقاد والضغائن إلي الصفاء والنقاء .

نغير ما بأنفسنا من الكذب إلي الصدق ومن الخيانة إلي الأمانة .

نغير ما بأنفسنا من التقرب إلي العباد إلي التقرب إلي رب العباد .

نغير ما بأنفسنا من اعتناق الأفكار الغريبة والمغلوطة والمتطرفة إلي الاعتدال والتوسط والإمساك بجوهر الدين الصحيح .

نغير ما بأنفسنا من أخلاق توارثناها إلي الإمساك بسنة النبي صلي الله عليه وسلم .

نغير ما بأنفسنا من أمراض اجتماعية قبيحة جنينا جميعاً ثمارها إلي التعاون في أوجه الخير .

نغير ما بأنفسنا من الإمساك بالدنيا إلي الحرص علي الآخرة والعمل علي كل ما يقربنا منها .

نغير ما بأنفسنا من إيقاظ الفتن والفرقة والتحزب والاختلاف إلي لم الشمل ورأب الصدع وخلق جسور التواد والتحاب بين أبناء المجتمع .

أسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينه مردا جميلا؛ وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين ن كل مكروه وسوء؛ وأن يجعل مصرنا رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين.

الدعاء،،،،                                                            وأقم الصلاة،،،،                              

    كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                                                                                                  د / خالد بدير بدوي   

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »