web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024 م بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 7 رجب 1445هـ ، الموافق 19 يناير 2024 م
خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024 م بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للدكتور محروس حفظي 

خطبة الجمعة القادمة 19 يناير : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024 م بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 7 رجب 1445هـ ، الموافق 19 يناير 2024 م . 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق .

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، بصيغة word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024 م بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) صيانةُ الإسلامِ للعقلِ الإنسانِي مِمّا يضرُّهُ.

(2) أضرارُ المخدراتِ وعقوبتُهَا في الإسلامِ.

(3) خطواتٌ على طريقِ الإصلاحِ والمعافاةِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024 م بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 

 مجتمعٌ بلا إدمانٍ خطواتٌ على الطريقِ

بتاريخ 7 رجب 1445 هـ = الموافق 19 يناير 2023 م»

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ.

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 19 يناير : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق 

(1) صيانةُ الإسلامِ للعقلِ الإنسانِي مِمّا يضرُّهُ:

جعلَ الإسلامُ حفظَ العقلِ أحدَ “الكلياتِ الست”، وهو مناطُ التكليفِ، فالشارعُ الحكيمُ لم يسقطْ التكليفَ عن غيرِهِ كالأعمَى أو الأعرجِ أو الأصمِّ أو الأبكمِ، لكنْ زائلُ العقلِ حتى ولو اكتملتْ قواهُ وجوارحُهُ دونَ عقلِهِ سقطتْ عنهُ المؤاخذةُ، وما ذاكَ إلّا لأنَّ مناطُ التكليفِ العقلَ؛ ولأنَّ ارتباطَ العبادةِ بالعقلِ، فكيفَ يكونُ مصيرُ عبدٍ يعمدُ باختيارِهِ إلى إزالةِ مناطِ التكليفِ، وإزالةِ محلِّ العبادةِ فيهِ؟! ولذا كان جوابُ أهلِ النارِ أنَّهُم أضاعُوا عقولَهُم: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها﴾، عطّلُوا عقولَهُم فكان مآلُ ذلك إلى النارِ وساءتْ مصيرًا، لذا نهَى الإسلامُ عن تناولِ المحرماتِ، فقالَ ربُّنَا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 19 يناير : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق 

(2) أضرارُ المخدراتِ وعقوبتُهَا في الإسلامِ:

إنّ اللهَ جلَّ وعلا ما شرعَ للعبادِ شيئًا إلّا لأنَّهُ يحققُ مصالحَهُم، فمَا أمرَ بشيءٍ إلّا لمنفعتِهِم فيهِ، وما حرّمَ شيئًا إلّا لضررِهِم أو حصولِ ما يضرّهُم بفعلِه، وللمخدراتِ والمسكراتِ مضارٌّ كثيرةٌ أثبتَهَا الطبُّ الحديثُ، وأكدتْهَا تجاربُ المجتمعاتِ، وذكرُوا فيهَا أكثرَ مِن مائةٍ وعشرينَ مضرةً دينيةً ودنيويةً، وصدقَ عثمانُ بنُ عفانَ حينمَا قال:«فاجتنبوهَا فإنّهَا أمُّ الخبائث، وإنَّه واللهِ لا يجتمعُ الإيمانُ والخمرُ في قلبِ رجلٍ إلّا يوشكُ أحدهُمَا أنْ يُذهبَ بالآخر» (النسائي، وابن حبان) .

والمخدراتُ كالخمرِ في الحرمةِ والعقوبةِ بل إنّ بعضَ المخدراتِ ضررُهَا أشد، وطويلُ المدَى والمفعولِ، فهي أشدُّ فتكًا، وأعظمُ تحطيمًا للأسرِ والمجتمعاتِ والدولِ والشعوبِ؛ لأنَّ فيها هدرَ طاقاتِ الشبابِ، أليستْ تفوّتُ اغتنامَ واستغلالَ القوةِ في البناءِ والدفاعِ والتعليمِ والأمنِ؟ أليستْ تضيفُ أعباءً جسامًا على أجهزةِ الأمنِ والقضاءِ والعدالةِ؟ أليستْ تقللُ مِن قدرةِ الإنسانِ على القيامِ بالواجباتِ، فيصبحُ شخصًا مهزوزًا كسولًا سطحيًّا متواكلًا مهملًا منحرفَ المزاجِ، تهتزُّ صورتُهُ في المجتمعِ، وتضعفُ الثقةُ فيهِ، فيُساءُ الظنُّ بهِ؟ .

كما أثبتتْ الدراساتُ الأمنيةُ وجودَ رابطةٍ قويةٍ بينَ متعاطِي المخدراتِ وأصحابِ الجرائمِ جرائمِ السلبِ، والقتلِ، والاغتصابِ، والسطوِ مِن أجلِ الحصولِ على المخدراتِ، لذا فإنْ كان المدمنُ لا يتورعُ عن السرقةِ، والنهبِ، والاغتصابِ، مِن هنا يتعطلُ الإنسانُ، وينخفضُ مستوى المعيشةِ، وتتدهورُ المجتمعاتُ، وينتشرُ الفقرُ، ويتأثرُ الاقتصادُ، وتحصلُ الويلاتُ والنكباتُ، وتكثرُ حوادثُ السيرِ المروريةِ.

أخي الحبيب: يدخلُ تحتَ تحريمِ الخمرِ قطعًا المخدراتُ بكلِّ أصنافِهَا، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ» (أبو داود)، و “المفتر”: يشملُ كلَّ شرابٍ يورثُ الفتورَ والخورَ في الأعضاءِ، ويؤدِّي إلى مضارٍّ جسيمةٍ ومفاسدَ كثيرةٍ بالعقلِ وبالبدنِ.

كيف يعمدُ عاقلٌ كرّمَهُ اللهُ بهذا العقلِ أنْ يزيلَ هذه الكرامةَ بعمدِهِ واختيارِهِ، يحرمُ نفسَهُ خمرًا في الجنةِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:«مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ» (مسلم)، وخمرُ الجنةِ لا تذهبُ بالعقولِ، قالَ ربُّنَا: ﴿لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ﴾، فهي صافيةٌ لا يشوبُهَا ما يشوبُ خمرُ الدنيا مِن العفنِ والإسكارِ ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ﴾.

وكان الوعيدُ أيضًا مِن اللهِ لمَن شربَهَا وأزالَ هذا العقلَ وأذهبَهُ باختيارِه أنْ يعذبَهُ بعصارةِ أهلِ النارِ، فعن جابرٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ» أَوْ «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ» (مسلم)، هل تعدلُ تلك الجلساتُ، وهذه الهلوسةُ، وتلك السهراتُ، وهذه الحبوبُ، ذلك العذاب؟ بل يُطرَدُ صاحبُهَا مِن رحمةِ اللهِ تعالى فعن ابنِ عمرَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ» (أبو داود).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 19 يناير : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق 

(3) خطواتٌ على طريقِ الإصلاحِ والمعافاةِ: وضعَ الإسلامُ حزمةً متكاملةً تأخذُ بيدِ هذا المبتلَى منها:

أولًا: مراقبةُ اللهِ – عزَّ وجلَّ- في السرِّ والعلنِ: ما أحوجَ واقعنَا المعاصر إلى تلك المراقبةِ التي توقظُ الضميرَ الإنساني، وتبعثُ في النفسِ الاستجابةَ للنداءِ الربانِي فلا يقدمُ المسلمُ على عملٍ إلّا وهو مستشعرٌ أنَّ اللهَ مطلعٌ عليهِ يرَى عملَهُ، ويعلمُ ما تكنُّهُ نفسُهُ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» (الترمذي وحسنه).

بهذه المراقبةِ يحققُ المبتلَى “خلقَ الإحسانِ” قَالَ ﷺ: حينما سُئِلَ: «مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَخْشَى اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (متفق عليه)، فكلمةُ ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ كان الذي رفعَ الخمرَ إلى فيهِ يردَّهَا، وكان الذي أودَعَهَا فمهُ يمجُّهَا، وهم يقولونَ: انتهينَا ربَّنَا انتهينَا، فعن أَنَسٍ قال:«مَا كَانَتْ لَنَا خَمْرٌ غَيْرَ فَضِيخِكُمْ هَذَا الَّذِي تُسَمُّونَهُ الْفَضِيخَ، إِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِيهَا أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا أَيُّوبَ، وَرِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي بَيْتِنَا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: هَلْ بَلَغَكُمُ الْخَبَرُ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ أَرِقْ هَذِهِ الْقِلَالَ، قَالَ: فَمَا رَاجَعُوهَا، وَلَا سَأَلُوا عَنْهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ» (متفق عليه) فمَا أحوجنَا إلى هذا الإذعانِ، وتلك الاستجابةِ الفوريةِ في عصرٍ كثرتْ فيه الملهياتُ مِمّا تَوَجَّبَ علينَا الالتفافُ حولَ أولادِنَا، والحنوُّ عليهم، وغرسُ القيمِ الإيمانيةِ والوجدانيةِ في نفوسِهِم مثلَمَا ربَّى سيدُنَا ﷺ الرعيلَ الأولَ، فهذا يجعلُ المسلمَ متمسكًا بعقيدتِه وأخلاقِ الإسلامِ الحسنةِ فيحيَا بذلكَ حياةً طيبةً لا حياةَ بهيميةٍ وإلّا فمَن أعرضَ كان الشقاءُ مصيرَهُ، والاضطرابُ والقلقُ سمتَهُ، ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

يقولُ “جيمسُ بولدوين”: «إنّ المعجزةَ التي حصلتْ ذلك أنَّ المدمنينَ الذينَ أثقلتْهُم الكحولُ والمخدراتُ يتغيرونَ فجأةً عندما يعتنقونَ الإسلامَ، كما أصبحنَا نرى الذينَ لم يسمعُوا قبلَهَا برسالةِ الإسلامِ يتعرفونَ عليها ويؤمنونَ بها ويتغيرون، لقد استطاعَ الإسلامُ تحقيقَ ما فشلتْ فيهِ أجيالٌ مِن متخصصِي العملِ الاجتماعِي، واللجانِ، والقراراتِ، والتقاريرِ، ومشاريعِ الإسكانِ، ومراكزِ الترفيهِ، ألَا وهو شفاءٌ وإنقاذُ السكارَى والمتشردين»، والحقُّ ما شهدتْ بهِ الأعداءُ.

ثانيًا: الإرادةُ القويةُ، والعزيمةُ الأبيةُ: تعتبرُ الإرادةُ القويةُ أحدَ أهمِّ الوسائلِ الرئيسةِ في العلاجِ مِن هذا الداءِ العضالِ، فالإرادةُ تُعلِي همةَ صاحبِهَا، وتزرعُ في نفسِه الثقةَ، فيُقدِمُ على الانتهاءِ مِن تلك المخدراتِ، حتى عندَ الإخفاقِ وعدمِ النجاحِ يوقنُ أنّ قضاءَ اللهِ كلَّهُ خيرٌ ولو لم تظهرْ حكمتُهُ ﴿وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾، وعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (مسلم)، فيحاولُ مرةً بعدَ أخرَى حتى يصبحَ شخصيةً قويةً لا يمكنُ بأيِّ حالٍ مِن الأحوالِ أنْ تنكسرَ أمامَ عادياتِ الحياةِ أو مسراتِهَا، بل لا يمكنُ أنْ تجعلَ مِن القدرِ مبررًا للرضا بالضعفِ والاستكانةِ إلى الدونِ، أمَّا ضعيفُ النفسِ والعزيمةِ قد يُسلمُ نفسَهُ للأوهامِ والأباطيلِ، وينصاعُ للآخرين، ويستسلمُ مِن أول مرةٍ، وهذا غيرُ مرغوبٍ في شخصيةٍ يقعُ على عاتقِهَا خدمةُ دينِهَا ووطنِهَا، قال ﷺ:«الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» (مسلم) .

ثالثًا: البعدُ عن مجالسِ اللهوِ وأوكارِ الممنوعاتِ:  قال رسولُ اللهِ ﷺ: «… وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالخَمْرِ» (الترمذي وحسنه) .

رابعًا: تجنبُ أصدقاءِ السوءِ، ورفقاءِ الباطلِ، والمجاملةِ لهُم: تؤكدُ الدراساتُ أنَّ أكثرَ مِن (80%) مِن الذينَ وقعُوا في المخدراتِ وقعُوا بسببِ صحبةِ السوءِ، فيجبُ على الأبِّ أنْ يتابعَ عن كثبٍ ابنَهُ ويعرفَ أصحابَهُ، ولا بُدَّ للأمِّ أنْ تعرفَ صاحباتِ بنتِهَا، أمَّا أنْ نتركَ الحبلَ على الغاربِ فلَا، قبلَ أنْ يقعَ الندمُ ولاتَ ساعةَ مندمٍ! وإيَّاكُم وصحبةَ السوءِ، ﴿الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ﴾ وقال ﷺ: “إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً”(البخاري).

تابع / خطبة الجمعة القادمة 19 يناير : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق 

خامسًا: فتحُ بابِ الأملِ والتفاؤلِ، والمتابعةِ مع المختصينَ لبدءِ العلاجِ فورًا: أقبلْ على اللهِ جلَّ وعلا لا تقلْ: لا أستطيعُ لا أتحملُ، سارعْ إلى ربِّكَ، ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، وليحسنْ العبدُ الظنَّ باللهِ، فهو– سبحانَهُ- أقربُ إليهِ مِن حبلِ الوريدِ، ومِن شراكِ نعلِهِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: يَقُولُ اللهُ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ» (متفق عليه)، وقَالَ بعضُ الصَّالِحين: «اسْتعْمِلْ فِي كلِّ بليةٍ تطرقُكَ حسنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ فِي كشفِهَا، فَإِن ذَلِك أقربُ بكَ إِلى الْفرجِ»، وصدقَ القائلُ:

إنْ كانَ لا يرجوكَ إلّا محسنٌ … فبمَن يلوذُ ويستجيرُ المجرمُ

أدعوكَ ربِّي كمَا أمرتَ تضرعًا … فإذا رددتَ يدِي فمَن ذا يرحَمُ

إنَّ البدايةَ دائمًا صعبةٌ ومكلفةٌ فأصعبُ ما في المصيبةِ أولُهَا، ثمَّ تهونُ، وتَذَكّرْ أنَّ وقتَ الشدةِ سيزولُ ويذهبُ، وأنَّ الصبرَ عندَ الصدمةِ الأولَى، وقديمًا قالتْ العربُ: «دوامُ الحالِ مِن المُحالِ»،«اصبرْ تنلْ»، ويقولونَ: «كلُّ همٍّ إلى فرجٍ»، فالأملُ قوةٌ دافعةٌ للعلاجِ مِن هذا البلاءِ، فالتفاؤلُ يشرحُ الصدرَ للعملِ، ويخلقُ دواعِي الكفاحِ مِن أجلِ الإقلاعِ عنهَا، ويَبعثُ النشاطَ في الروحِ والبدنِ، كما أنَّه يدفعُ المخفقَ إلى تكرارِ المحاولةِ حتى ينجحَ، ويحفزُ الناجحَ إلى مضاعفةِ الجهدِ كي لا ينتكسَ مرةً أخرى، ويدفعُ عن النفسِ اليأسَ، فما أضيقَ العيشَ في الدنيا لولا فسحةُ الأملِ،﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾.

مع ضرورةِ تحرِّي الرأفةِ واللينِ مع المبتلَى حتى لا يجزعَ ويتركَ العلاجَ بالكليةِ، وهذا منهجٌ نبويٌّ أرشدَنَا إليهِ المصطفَى ﷺ فعن أبي هريرةَ: “أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ أُتِيَ برجُلٍ قد شرِبَ فقالَ اضرِبوه قالَ أبو هريرةَ فمنَّا الضَّاربُ بيدِهِ والضَّاربُ بنعلِهِ والضَّاربُ بثوبِهِ فلمَّا انصرفَ قالَ بعضُ القومِ أخزاكَ اللَّهُ فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ لا تقولوا هكذا لا تُعينوا عليهِ الشَّيطانَ” (البخاري) .

سادسًا: كثرةُ الدعاءِ والتضرعِ إلى اللهِ والمداومةِ على الاستغفارِ: يستطيعُ المدمنُ أنْ يدعو ويناجي ربَّهُ في أيِّ وقتٍ، وبأيِّ لفظٍ – سوى الإثمِ وقطيعةِ الرَّحمِ – وليحرصْ على الإكثارِ مِن الدعاءِ في الأوقاتِ الفاضلةِ كالثلثِ الأخيرِ مِن الليلِ حيثُ يتجلَّى اللهُ – بمَا يليقُ بذاتِه المقدسةِ- وينزلُ إلى السماءِ الدنيا: «إِنَّ بِاللَّيْلِ سَاعَةً تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ يُنَادِي مُنَادٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟» (أحمد)، أقبلْ على اللهِ، واسجدْ بينَ يديهِ، ثمَّ لتدمعْ تلكَ العينانِ، ولا يستثقلنَّ المبتلَى هذا العلاجَ – الاستغفارَ– لأنَّ هذا يحتاجُ إلى يقينٍ وثقةٍ بربِّ العالمين، فهو القادرُ على كلِّ شيءٍ، وها هو رسولُنَا يرشدُ أحدَ أصحابِهِ الذي أرهقتْهُ الهمومُ إلى أنْ يلزمَ الاستغفارَ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:«دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ؟ قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَقُلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي» (أبو داود)، فالذي يُدبرُ الأمرَ هو اللهُ، فكلُّ أمرِكَ إليهِ، فلَهُ الحكمةُ البالغةُ في أقدارِهِ.

وليحرصْ هذا المبتلَى على أداءِ الصلواتِ في أوقاتِهَا في المسجدِ فإنَّها بابُ خيرٍ عظيمٍ، قال ربُّنَا:﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾، اشغلْ فراغَكَ، بقراءةِ القرآنِ، بالعلمِ النافعِ، بصلةِ الأرحامِ، ببرِّ الوالدينِ، اشغلْ وقتَكَ بمَا ينفعُكَ عندَ اللهِ جلَّ وعلا، واعلمْ أنَّك إذا أقلعتَ فإنَّ النهايةَ: ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً﴾ .

نسألُ اللهَ أنْ يُفرّجَ كروبَنَا، وأنْ يُزيلَ همومَنَا، وأنْ يُذهبَ أحزانَنَا، ونسألُكَ يا اللهُ أنْ تجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ تُوفّقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان   د / محروس رمضان حفظي عبد العال

مدرس التفسير وعلوم القرآن كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ – الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 …

خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م لوزارة الأوقاف - د. خالد بدير - الدكتور محمد حرز ، الدكتور محروس حفظي ، الشيخ خالد القط ، الدكتور عمر مصطفي ، word- pdf : تطبيقات حُسن الخلق ، بتاريخ 17 شوال 1445هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م : تطبيقات حُسن الخلق

خطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م لوزارة الأوقاف – د. خالد بدير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »